بسم الله الرحمن الرحيم
أهل الكتاب هم اليهود و النصارى ... و هم أهل كتب سماوية .. و أهل عقيدة سماوية رغم ما فيها من تحريف و تبديل .. و قد تسامح الإسلام معهم كثيراً حيث أجاز للمسلمين مصاهرتهم و أكل طعامهم و تحليل ذبائحهم ... و لذلك يخطئ من لا يعطي أي إعتبار لعقيدة أهل الكتاب و يساويهم بالمشركين البوذيين مثلاً ...
و الإسلام يأمرنا بحسن معاملة أهل الكتاب و دعوتهم إلى الإسلام بالتي هي أحسن ... و يخطئ كثيراً من يصور علاقة المسلمين بأهل الكتاب على إنها علاقة قائمة على البغض و الكراهية و العداء و القتال و سوء المعاملة ...
قال تعالى: ( و لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن .. إلا الذين ظلموا منهم .. و قولوا آمنا بالذي أنزل إلينا و أنزل إليكم و إلهنا و إلهكم واحد و نحن له مسلمون).
و جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء بخصوص وحدة الأديان ما يأتي:
(( و مما يجب أن يعلم أن دعوة الكفار بعامة وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة ، ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن ، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام ، وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام ودخولهم فيه )).
فالعلاقة بين المسلمين و أهل الكتاب علاقة قائمة على التسامح و حسن المعاملة و العدل و التعارف و تبادل المنافع و المصالح ...
و يخطئ كثيراً من يعتبر حسن معاملة أهل الكتاب و التسامح معهم نوع من الموالاة ... فهنالك فرق كبير بين التسامح و حسن المعاملة الذي يدعو له الإسلام و بين الموالاة التي ينهى عنها الإسلام ... فالموالاة المنهي عنها هي مناصرة أعداء المسلمين ضد المسلمين لإضعافهم و تقويض دولتهم و محاربة دينهم الإسلامي ... كذلك من الموالاة الرضى بما هم فيه من الكفر ...
و يمكن تقسيم أهل الكتاب من حيث علاقتهم بالمسلمين إلى :
1- أهل الذمة
و الذمة هنا معناها ذمة الله و عهده و رعايته ..
و أهل الذمة هم (المواطنون) غير المسلمين الذين يعيشون تحت ظل الدولة الإسلامية ... و لهم حقوق و عليهم واجبات ... و أهم واجباتهم دفع الجزية ... و الجزية نوع من الضرائب في مقابل الزكاة التي يدفعها المسلمون ... فمن غير المعقول أن يدفع غير المسلم الزكاة ... لأن الزكاة عبادة ...
و من حقوق أهل الذمة على المسلمين : حرمة قتالهم و الحفاظ على أموالهم و أعراضهم و كفالة حرياتهم و الكف عن أذاهم ... و قد حذر الرسول عليه السلام من إلحاق الأذى بأهل الذمة حين قال : ( من آذى ذمياً فأنا خصمه .. و من كنت خصمه خصمته يوم القيامة).
و هنالك قاعدة مشهورة عند فقهاء الإسلام بخصوص أهل الذمة هي : ( أن لهم ما لنا .. و عليهم ما علينا)
و قد روي عن سيدنا علي كرم الله وجهه إنه قال: ( إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا .. و أموالهم كأموالنا).
2- أهل الحرب
و هم الذين بينهم و بين المسلمين حرب ...
و الذي يعلن و يقود الحرب أو يستنفر للجهاد هو حاكم الدولة الإسلامية أو خليفة المسلمين ... و ليس الأفراد ...
3- أهل الهدنة
هم الذين يربطهم مع المسلمين عقد الهدنة و الموادعة ... فإذا كانت هنالك حرب بين المسلمين و أعدائهم .. و جنح هؤلاء الأعداء للسلم .. فعلى المسلمين أيضاً أن يقبلوا السلام معهم ... فالإسلام يدعو دائماً للسلام و الأمان و لا يدعو للحرب.
4- المستأمنون
و هم غير المسلمين أو الحربيون الذين يدخلون الديار الإسلامية لفترة محدودة ...
و إذا تكلمنا بلغة العصر نقول: المستأمنون هم الأجانب الذين يدخلون الدولة الإسلامية لفترة محدودة بهدف السياحة أو الزيارة أو التعرف على الإسلام أو طلباً للأمان و اللجوء ... إلخ
و تسري عليهم أحكام عقد الأمان ... و يترتب على عقد الأمان حرمة قتالهم و الحفاظ على أموالهم و أعراضهم ...