الرباط: «الشرق الأوسط»
انتشر رجال شرطة المرور في جميع المدن المغربية الاحد الماضي، وهو يوم البدء بتطبيق قوانين جديدة تهدف لكبح جماح أرقام متصاعدة من القتلى والجرحى بسبب حوادث المرور. ولم يكن سائقو سيارات الأجرة سعداء بتطبيق القوانين الجديدة، كما ان كبار الموظفين ورجال الاعمال أبدوا تذمرهم من الامر.
وتنص القوانين الجديدة على منع استعمال الهاتف الجوال (المحمول) أثناء قيادة السيارات، وإلزامية استعمال حزام الامان للسائق وللراكب الامامي ومنع ركوب الاطفال، الذين تقل اعمارهم عن عشر سنوات في المقعد الامامي للسيارة، وتحديد السرعة القصوى للشاحنات بـ85 كيلومتراً في الساعة في الطرق بين المدن. وشرع رجال الشرطة بالتطبيق الصارم للقانون، وسجلوا مخالفات لا تحصى في اليوم الاول.
وينص القانون على تسديد غرامة فورية في حالة المخالفة، قال شرطي عند مدخل مدينة الرباط في الطريق المؤدية الى الدار البيضاء: «كثيرون لم ينتبهوا الى ضرورة ربط حزام الامان»، في حين قال شرطي آخر في وسط مدينة الرباط قرب محطة القطار في شارع محمد الخامس: «سجلت عدة مخالفات لسائقين يتحدثون من هاتفهم الجوال».
وعبر سائقو سيارات الأجرة في الرباط عن ضيقهم من القانون الجديد، ذلك ان معظم الركاب، خاصة الذين يتنقلون لمسافات قصيرة لا يستعملون حزام الامان، وأدى ذلك الى مشاحنات بين السائقين والركاب. كما ان كبار الموظفين ورجال الاعمال الذين يستعملون هواتفهم الجوالة باستمرار يقولون إنهم اعتادوا استعمالها كثيراً أثناء تنقلهم بسياراتهم. وقال صاحب متجر لبيع الهواتف الجوالة في شارع فال ولد عمير في اكدال في الرباط، إن المتجر عرف إقبالاً كبيرا لشراء السماعات التي تتيح التحدث عبر الهاتف أثناء القيادة.
وطبقاً لارقام نشرتها الشركتان التي توفران خدمة الهاتف الجوال، فإن ثلث سكان المغرب اصبحوا يستعلمون الهاتف الجوال، اي ما يقارب 10 ملايين شخص. ولا تكف قناتا التلفزيون والصحف من نشر إعلانات عن جديد شركتي الهاتف الجوال، وحث الزبائن على اعتماد الهاتف الجوال في مكالماتهم.
وتزايدت الدعوة للحد من ظاهرة استعمال الهواتف الجوالة اثناء القيادة بعد أن قتل وزير سابق في حادث مروري عند مدخل مدينة الرباط في فبراير (شباط) الماضي. وكان عبد الرزاق مصدق، وزير تأهيل الاقتصاد والشؤون العامة السابق قد لقي حتفه على الفور إثر تصادم سيارته مع شاحنة قرب ضاحية تمارة جنوب الرباط، عندما كان يتحدث مع زوجته عبر هاتفه الجوال.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد عبر عن استيائه الشديد خلال اجتماع حكومي من أن تحتل بلاده المرتبة السادسة من حيث ارتفاع نسبة حوادث المرور. كما ان شركات التأمين عبرت عن انزعاجها من تصاعد أرقام التعويضات المالية التي تسددها بسبب حوادث المرور، حيث بلغت ثلاثة مليارات و21 مليون درهم خلال عام واحد. وقدرت خسائر الاقتصاد المغربي جراء هذه الحوادث بما يناهز المليار ونصف مليار دولار. ويصل معدل ضحايا حوادث المرور سنويا في المغرب الى 3800 شخص.
وتنص القوانين الجديدة على إلزامية استعمال حزام الامان في الطرقات بين المدن، حيث تقع معظم حوادث المرور. وفي الاسبوع الماضي أدى اصطدام حافلة مع سيارة رباعية الدفع قرب مدينة تارودانت (جنوب) الى مصرع ثمانية سياح فرنسيين وجرح عشرات، الامر الذي أثار عاصفة من الانتقادات لوضعية الطرق في المغرب من قبل الصحافة الفرنسية. وتدخل الرئيس الفرنسي جاك شيراك شخصيا لضمان تقديم العلاج للجرحى، حيث نقل معظمهم بطائرة عسكرية الى مستشفى محمد الخامس العسكري في الرباط. ويأمل المغرب في الا تنعكس هذه الحوادث على خطط سياحية تهدف الى جذب 10 ملايين سائح عام 2010 .
وحدد القانون الجديد دفع غرامة تبلغ 100 درهم (12 دولاراً) عند استعمال الهاتف الجوال أثناء القيادة او عدم استعمال حزام الامان او جلوس الأطفال الذين يقل سنهم عن عشر سنوات في المقعد الأمامي للسيارة.
وحدد القانون الجديد السرعة القصوى لسيارات النقل والبضائع، التي تبلغ حمولتها ثمانية أطنان وما فوق وسيارات النقل المزدوج ما بين 85 كيلومترا و100 كيلومتر في الساعة. وكانت السلطات قد اعلنت مطلع فبراير (شباط) الماضي، فترة شهرين لتجهيز جميع السيارات بحزام الامان.
يشار الى انه في الليلة التي سبقت البدء بتطبيق القوانين الجديدة تعرض السفير المصري لدى المغرب أشرف زعزع، والممثلتان المصريتان ليلى علوي وبوسي الى حادث مروري في الطريق بين تطوان وطنجة (شمال البلاد)، وكانوا في طريقهم الى مطار طنجة بعد ان حضروا الحفل الختامي للمهرجان الدولي لسينما للبحر الابيض المتوسط. وقال مصدر في السفارة المصرية في الرباط إنهم اصيبوا بجروح طفيفة، لكن السيارة التي كانت تقلهم تهشمت. وواصلت ليلي علوي وبوسى رحلتهما الى القاهرة بعد ان تلقتا علاجاً في إحدى العيادات في طنجة.