دور المغرب في نشر السلام

اصطحبت الجيوش العربية الاسلامية التي حررت المغرب العربي عددا من الصحابة والتابعين الذين اصبح لهم دوركبير في نشر الاسلام و بذر اول بذرة للفكر العربي الإسلامي في اوساط المجتمع المغربي حيث كان نهم القراء والمحدثين والفقهاء ,وابرزت كتب الفتوح دورهم الكبير في تعليم اهل تلك البلاد القران والحديث وتعاليم الدين الحنيف وقد الف الحافظ ابوالقاسم ابن بشكوال كتابا عن التابعين الداخلين الى الاندلس عرفانا منه بفضلهم على اهل المغرب والاندلس لما قدموه من مجهود كبير في سبيل رفع راية الاسلام هناك وسماه ((التنبيه والتعيين لمن دخل الاندلس من التابعين ))ويذكر ان اول من تعلم القران بجبل نفوسه هو عمر بن يمتكن الذي كان يلتقي في طريق مقمدامس بالجند العربي الداخل الى افريقية فيكتب عنهم لوحة من القران ثم يعود الي منزله ليحفظ ما فيه كي يرجع الى الحجة فيكتب لوحة اخرى كذللك حتي ظ القران وتعلم العلم .
ومن هؤلاء الصحابة عمرو بن العاص فاتح برقة وطرابلس,و الصحابة الذين دخلوا الى افريقيةمع جيش المسلمين بقيادة عبدالله بن سعد بن ابي سرح والتي سميت حملته بغزوة العبادلة وذلك لوجود عدد من الصحابة باسم عبدالله مثل عبدالله بن عمر بن الخطاب وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمرو بن العاص وعبدالله بن مسعود وغيرهم .
ومن الصحابة الذين دخلوا المغرب ايضا جندب بن جنادة بن سفيان المكنى بابي ذر الغفاري المتوفي سنة 33 هـ /653م وكان من اهل العلم ، دخل مع ابن ابي سرح ، وقد روى عن الرسول ( صلى الله عليه وسلم) وروى عن جماعة من الصحابة .والمقداد بن عمر تغلب البهراني المكنى بابي سعيد المتوفى سنة 33هـ/653م وقد روى عن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) ، ودخل في حملة ابن ابي سرح.
فضالة بن عبيد الانصاري ، المكنى بابي محمد ، المتوفى في سنة 53هـ /672م، وقد روى عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) .
وغيرهم من الصحابة,وقيل ان عدد الصحابة الذين دخلو المغرب يقدر مابين تسع وعشرين الى احدى وثلاثين صحابي , والواضح ان هؤلاء الصحابة لم يستقروا مدة طويلة في بلاد المغرب العربي لعدم وجود قاعدة متقدمة لهم فيها ابان بدايات العمليات العسكرية فيها عدا مدينة برقة التي كانت تمثل مركزا لانطلاق القوات الى داخل البلاد، على الرغم من كل ذلك فقد كانوا وغيرهم ممن ذكرتهم المصادر المتخصصة النوة الاولى لنشر العلوم الاسلامية في تلك البلاد.
الا ان بعد تاسيس مدينة القيروان من قبل فاتح المغرب المجاهد الكبير عقبة بن نافع فاستفر عدد من الصحابة في القيروان وقاموا برواية علوم الكتاب والسنة ونشللاها بين البربر الذين اسلم منهم عدد كبير,وكذلك اتخذ عدد من الصحابة السراري وامهات الاولاد ,واصبح لهن واولادهن دوركبير في نشر الاسلام,ومن الصحابة من اتخذ السراي عبدالله بن عمر وجبلة بن عمر وقيس بن يسار وغيرهم.
اما دور التابعين فانه لايقل عن دور الصحابة ، وقد بدا واضحاً في مجال نشر الثقافة الاسلامية والحركة العلمية ، بعد تأسيس مدينتي القيروان وتونس ، وفيهم من استقر في هاتين المدينتين ، وقد اوجدوا قاعدة كبيرة للمهتمين بالعلم.
ومن اشهر التابعين:
- عياض بن عقبة بن نافع الفهري المكنى بابي يحيى . روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، سكن القيروان ، وتحول الى مصر وفيها مات سنة 100هـ /718م .
- ربيعة بن يزيد بن ابي الاشعث ، روى عن ابن عقبة بن نافع بن عمر الجهني ، سكن المغرب العربي واستشهد مع كلثوم بن العياض القشيري في واقعة بقدوره سنة 123هـ/740م.
- ابو علقمة ، مولى عبد الله بن عباس ، روى عن ابن عباس ، وابن عمر وابي هريرة ، اصله من مصر ، وسكن القيروان ، تولى القضاء بها ، اخذ عنه عبد الرحمن بن انعم ، وخالد بن ابي عمران وغيرهم.
- بكر بن سوادة الجذامي ابو ثمامة ,اقام اكثر من ثلاثين سنة في افريقيا محدثا وفقيها ومفتيا واخذ عنه الكثير من اهلها توفي سنة 128هـ بافريقية.
وهؤلاء وغيرهم من التابعين هم الذين كانوا حلقة الوصل بين الصحابة واهل المغرب العربي وعن طريقهم بدأت العلوم بالانتشار لتصل الى ما وصلت اليه في العصور اللاحقة .
وهنا لابد من التاكيد على دور الولاة والقادة في بلاد المغرب العربي بارسالهم للعلماء واصحاب العلوم الشرعية لينشروا ما يعلمونه في مدن المغرب العربي فضلا على اهم كانوا من ذوي الخبرة المسبقة بمهنة التعليم والتاديب فأخذوا على عاتقهم مهمة نشر التعليم في تلك الربوع التي وقعت تحت مسؤولياتهم مثل القائد عقبة بن نافع الذي دار مع وجوه عساكره في ولايته الثانية حول مدينة القيروان وهو يدعو لهل وهو يقول (يارب املأها فقها وعلما...واجعلها عزا لدينك وذلا لمن كفر بك)، و كذلك ارسل حسان بن نعمان الغساني والي المغرب العربي ثلاثة عشر رجلاً من علماء التابعين يعلمونهم القرآن وشرائع دينهم. وعن اشهر العلماء التابعين الذين كانوا في مدينة القيروان وشاركوا حساناً في حروب التحرير ، وكان لهم دور في تعليم الشريعة الاسلامية هم :
- ابو سعيد ، كيسان ، المقبري،وهو من فضلاء التابعين ، وكان ثقة كثير الحديث ، سكن القيروان ، توفي سنة مائة للهجرة.
- ابو قبيل المعافري المتوفي سنة 128هـ /745م ، وهو من الطبقة الثانية من اهل المغرب العربي من اهل الدين والفضل ، صحب حسان بن النعمان واشترك في معظم حروب تحرير المغرب العربي وكانت له اخبار مشهورة ثم رجع بعد ذلك الى مصر، وتوفي بها .
- حنش بن عبد الله السبئي الصنعاني:-
من اهل الدين والفضلومن التابعين ومن اهل الثقة ، اشترك في حروب تحرير المغرب مع روبفع بن ثابت عندما حرر جزير جربة. وقد بعث ابا المهاجر دينار لتحرير جزيرة شريك (باشو) وكان ضمن القوات المرابطة في مدينة القيروان عندما قام عقبة بن نافع بحملته الكبرى المشهورة وتولى في زمن الوالي حسان بن النعمان الغساني صدقات الناس والسعي عليهم في بلاد المغرب. شارك في فتح الاندلس مع موسى بن نصير ، وقيل انه احتط جامع سرقسطة، ووضع محرابه في الثغر الاعلى للاندلس . سكن القيروان ، واختط بها داراً ومسجداً نسب اليه من ناحية الريح ، ادخله ابن وهب في جامعه وسحنون في مدونته ، توفي في سنة 100هـ/718م.
- عبد الرحمن بن رافع التنوخي:-
يعد من الطبقة الثانية من اهل المغرب العربي،ويكنى بابى جهل وهو من فضلاء المدنيين والتابعين ،وتقاة المصريين، توفي سنة ثلاثة عشر ومائة للهجرة في القيروان.
- علي بن رياح بن نصير اللخمي :-
يكنى ابا عبد الله ، كان فقيها صالحا ومن تقاة مصر ولد سنة خمسة عشر للهجرة في يوم معركة اليرموك ، وفقد عينة في معركة ذات الصواري البحرية مع عبد الله بن سعد بن ابي سعد بن ابي سرح ، سنة 34هـ / 654م ، دخل المغرب العربي محارباً ومجاهدا في سبيل الله ، توفي سنة أربع عشر ومائة من الهجرة . وهناك عدد اخر من الصحابة والتابعين ايضاً كان لهم دور واضح في تثبيت ركائز الاسلام في بلاد المغرب العربي. وقد اكتفينا بذكر هذا العدد منهم .
واعقب حسان بن نعمان موسى بن نصير بأرساله بعثة تتكون من سبعة عشر رجلاً انتشروا ليعلموا الناس شرائع الاسلام والقرآن الكريم ، ولم نستطيع ان نحدد بدقه ، اسماء هؤلاء سوى حنش بن عبد الله الصنعاني الذي سبق التعريف به ، ومحمد بن اوس الانصاري:- كان هذا من اهل الدين والفضل معروف بالفقه ، وكان عالما فاضلاً صالحاً معروفا بالفقه والدين والرواية مع الدراية .
يروى عن ابي هريرة وروى عنه الحارث بن يزيد و محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الاسدي ، ولي بحر افريقيه سنة 93هـ ، وغزى المغرب العربي والاندلس مع موسى بن نصير.
وبهذا تكون جهود موسى بن نصير واضحة في هذا المجال ، فعلى يده اسلم بقية المصامدة في عهده اذ امر العرب ان يعلموا البربر القران وان يفقهوهم في الدين . فبنى جامعاً في تلمسان ، و أصبحت طنجة مركزاً للتعليم والثقافة الإسلامية ،اذ نلحظ ان السكان كانوا يتفاعلون مع توجه هذا الوالي فقد شهد بناء مساجد عدة منها و اهمها مسجد اغمات هيلانه. كما يذكر انه حول بعض الكنائس الى مساجد .
ويعد اسماعيل بن عبيدالله بن ابي المهاجر الذي يعينه الخليفة عمر بن عبد العزيز واليا على المغرب فكان خير امير واسلم جميع البربر في ايامه وارسل معه الخليفة عمر عشرة من فقهاء التابعين وعلمائهم يفقهون الناس في امور الدين ويبينون لهم الحلال والحرام فقال عنه ابن عذاري (هو الذي علم اهل افريقية الحلال والحرام)منهم
- وهب بن حي المعافري جعثل بن عاهان الرعيني القتباني توفي سنة 115هـ
- عبدالله بن ابي المغيرة الكناني توفي بعد سنة 123هـ
- سعد بن مسعود التجيبي
- طلق بن جعبان الفارسي
- وحيان بن ابي جبلة
وعيرهم من القادة والولاة الذين كان لهم دوركبير في تحرير المغرب ونشر تعاليم الاسلام الحنيف في ربوع المغرب.
لقد اظهر لنا هذا المقال انه كان بجانب كتائب الجهاد المسلحة عدد كبير من الصحابة والتابعين الفقهاء العلماء الذين ساهموا في فتح الشمال الافريقي والذين لهم اثر كبير في نشر السنة والعلوم الاسلامية وبين لنا ان اهالي البلاد انصهروا مع الفاتحين في محاضن الاسلام العظيمه وحملوا لواء الاسلام والدفاع عنه والتوسع من اجل الدعوة في سبيله .