السلبية الثالثة ـ ضعف المستوى اللغوي لدى المسلمين:
أما السلبية الثالثة فهي تبدو في القصور اللغوي عند كثير من المتصدين لقضايا الفكر, والحياة. واستخدامهم للغة العامية بدلا من اللغة العربية الفصيحة الأصيلة... لغة القرآن الكريم الذي استوعب كل صغيرة وكبيرة في الحياة. وما بعد الحياة (إنا أنزلناه قرآناً عربياً)
وأدى قصور هؤلاء القوم إلى إظهار اللغة, وكأن بها قصوراً في حد ذاتها. مما دعا البعض من الجاهلين بأعماقها واتساعها, وعرضها وجوهرها. وسلاستها أن يتجرءوا عليها, ويدعون إلى إحلال لغات أخرى محلها أو إحلال الحروف اللاتينية محل حروفها.
وفي هذا المجال تجرى محاولات لتدعيم اللهجات, ومساعدتها على هزيمة اللغة العربية الفصحى. وهيهات لهذه المحاولات أن تنجح, فهي إمام الفصحى أو هي من خيوط العنكبوت.
كما تجرى محاولات الشعر بالعامية, وكتابة الشعر دون قوانينه الأصيلة. وهي محاولات محكوم عليها بالفشل. لأنها لم تخلق شاعراً ذا عبقرية, وإنما خلقت أقزاماً من الناس يرتادون المقاهي, ولا يجدون لهم قراء ذواقين أو يجدون لهم من يتقبلهم من عمالقة الفكر والأدب.
ويبدو هذا القصور واضحاً في ضعف المستوى اللغوي في مراحل التعليم المختلفة, وبخاصة في المرحلة الابتدائية, وهي أساس للبناء اللغوي لدى الأجيال الملتحقين بها. ويعزى ذلك بالدرجة الأولى إلى انخفاض المستوى اللغوي لدى معلمي هذه المرحلة بعد أن قل نصيب القرآن وعلومه في مناهج إعدادهم. فبعد أن كانوا يعدون في إطار إسلامي تماماً في (مدارس المعلمين العامة), (والأزهر) حيث كان القرآن وعلومه هي الأساس في إعداد الطلاب إعداداً فكرياً, وقيمياً, ولغوياً, أصبحوا يعدون من خلال مناهج تعطى لهذه الدراسة قدراً قليلا في أوزان المناهج والوسائل.
وصحيح أن هذه المناهج التي كان يعد من خلالها المدرسون في مدارس المعلمين العامة والأزهر, كانت في حاجة إلى إعادة صياغة بما يتواكب مع متغيرات الحياة إلا أنها بدلا من أن تطور في اتجاه صحيح قضى على مقوماتها الأصيلة.
وهذه الصورة البسيطة التي عرضناها ما هي إلا قليل من كثير يذكر في هذه السلبية. إلا أن النتيجة التي تترتب على سلبية محاولات إضعاف اللغة العربية هي أنها نجحت في خلق أجيال لا تتمكن من اللغة العربية ومن جوهرها وبالتالي فقد تسبب ضعفهم اللغوي هذا في عدم قدرتهم على فهم مفاهيم الإسلام بوعي وبصيرة.