ارتبط اكتشاف الطاقة بأشكالها المتعددة بشكل وثيق بالتقدم الحضاري الذي أنجزته البشرية خلال مراحل وجودها . وقد بدأ الإنسان باستخدام الخشب والفحم والنفط في توليد الطاقة منذ عهود بعيدة قبل أن يفهم الآلية التي تتحرر منها تلك الطاقة.
ومن جهة أخرى فإن الطاقة الذرية كان نتاجا لتراكمات معرفية تكاتف لإبرازها عدد كبير من العلماء بذلوا جهودا كبيرة في التعرف على طبيعة المادة وقد اجتهد الفلاسفة في العهود القديمة لفهم طبيعة المادة فوضعوا لهذا الغرض عدد من الفرضيات و النظريات , وما المبدأ المسمى الذرة والعناصر الخمسة ألا جزء من الفلسفة الهندية التي كان لمثالها رواج في اليونان .
وقد كان هناك تطور مستمر في فهم المادة بداية من الفلسفة الإغريقية حتى العصر الحديث.
تركيب المادة: كان فيثاغورس(852-497ق.م) سباقا في اقتراحه بأن المادة تتكون من أربع عناصر هي النار والهواء والتراب والماء ثم جاء إمبدلوكس (490-430ق.م)ليقترح أن تلك العناصر الاربعة تتفاعل مع قوى الحب والكراهية لتولد أشكالا متعددة من المادة .أما ديموكريتس (460-380ق.م) فقد أعطى مفهوم جديد للمادة وهو أن العالم مصنوع من فراغ واسع يحوي المادة. والمادة بشتى أنواعها تتكون من جسيمات مفردة((atomos لا يمكن تجزئتها , وهي من الصغر بحيث لا يمكن تخيل جسيمات أصغر منها , كما ذكر ديموكريتس أيضا أن الذرات تختلف في شكلها الفيزيائي مما يسمح لها بتكوين مواد مختلفة .إن نفي ديموكريتس وجود ما يشبه الروح أدى إلى عدم القبول المبدأ المادي القائم على العناصر وذلك لما يقرب 2000سنة ,ولقد أحيا جاليليو جاليلي(1564-1790م)بعد ذلك مبدأ الذرة واقترح أن ذرات المواد المختلفة لها أوزان وأشكال مختلفة .وحتى ذلك الوقت كانت جميع النظريات افتراضية ومجردة من أي مساندة تجريبية ولقد طور روبرت بويل الآلية المستخدمة في التحليل الكيميائي وقام بوصف العنصر بأنه مادة يمكن التعرف عليه بالتجربة العلمية ولكن لا يمكن تقسيمها إلى مواد أبسط ,وعلى ذلك فإن بويل هو الذي قام بربط مبدأ العنصر والذرة بطريقة مناسبة
وافترض بنيامين فرانكلين (1706-1790م) وجود الكهربية الموجبة والسالبة ,وأثبت أن البرق ما هو إلا تراكم هذه الشحنات الكهربائية في السحب ,واستنتج أن الكهرباء هي مائع رقيق يمكن أن يوجد بزيادة أو نقصان داخل المادة
أما انتوان لافوازييه(1743-1794م)فإنه يسمى أبو الكيمياء الحديثة مجتمعا مع بويل , فقد تمكن اعتمادا على الأفكار التي اقترحها بويل من إثبات أن الهواء يتكون من الأوكسجين والنتروجين ,وأن النار ليست عنصر من العناصر وقد أثبت أيضا أن أي شكل من أشكال المادة له كتلة ثابتة وهو المبدأ الذي كان مفيدا فيما تبعه من أبحاث أجريت على المادة وفي عام 1789م أكد هنري كافيندش أن الماء يتكون من الأكسجين والهدروجين وأدت هذه الاكتشافات إلى قيام العلماء بالبحث عن عناصر جديدة ,فتم اكتشاف عدد كبير من العناصر خلال العقود التي تلت ذلك.
قام جوزيف براوست(1754-1826م) بتحليل عدد من المركبات وأثبت أن العناصر تتحد بنسب محددة لتكوين المركبات
أما جون دالتون (1766-1844م) فقد قدم نظريته للعناصر عام 1803م واعتبر بعدها أبو النظرية الذرية الحديثة وحسب هذه النظرية فإن جميع المواد تتكون من عدد صغير من العناصر الكيميائية ,وكل عنصر يتكون من ذرات صغيرة متماثلة.
وتتحد ذرات العناصر بنسب محددة لتكوين المركبات , وأسس دالتون كذلك فكرة الوزن الذري النسبي للعناصر ,وجاء فيما بعد أميديو أفوغدرو (1776-1856م)ففرق بشكل واضح بين الذرات والجزيئات وقام بتصحيح الأوزان الذرية التي اقترحها دالتون وقدم مبدأه المفيد للغاية والذي أسهم في تطور النظرية الذرية الحديثة . ونص المبدأ على أن الحجم الثابت من أي غاز عند درجة حرارة وضغط معينين يحوي دائما عدد ثابت من الجزيئات.
وفي عام 1800م استنبط العالم الإيطالي اليساندرو فولتا الترابط بين الفلزات والمحاليل الذي يمكن به إنتاج التيار الكهربائي الثابت وفي الفترة نفسها تقريبا لوحظ بأن بعض المواد عند إذابته في الماء تعطي ذرات مشحونة تسمى الايونات .
قام ميشيل فاراداي (1791-1867م) بدراسة انتقال الايونات تحت تأثيرالمجال الكهربائي الناتج عن موصل موجب (مصعد) وموصل سالب (مهبط) لخلية فولطية وطور بذلك قوانين التحلل الكهربائي .هذه القوانين كونت علاقة بين الكهرباء والذرة مما قاد بعد ذلك إلى ما يعرف بمبدأ الوحدة الذرية الكهربائية. وهذا يعني أن الذرة أو الجزيء المشحون كهربائيا يجب أن يحمل دائما عدد صحيح من وحدات الشحنة الكهربائية.
وبحلول عام 1850م تم اكتشاف عدد كبير من العناصر وتم تحديد كتلها الذرية.وقد أعيد بعد ذلك تحديد الكتل الذرية التي سبق أن حددت بالنسبة لذرة الهدروجين وتمت نسبتها إلى كتلة ذرة الأوكسجين ,وباكتشاف ذلك العدد الكبير من العناصر بحث العلماء عن طرق ملائمة يمكن بواسطتها ترتيب هذه العناصر على شكل مجموعات محددة حسب خواصها الكيميائية والفيزيائية .وكان أفضل تصنيف عمل لهذا الغرض هو التصنيف الذي اقترحه دمتري ماندليف (1834-1907م) الذي نشر جدوله الدوري للعناصر عام 1869م واستمر ماندليف يطور هذا الجدول إلى أن نشر جدولا دوريا عام 1871م ,يحوي خانات فارغة ليتم شغلها بالعناصر التي لو تكتشف بعد.
ويعتمد التصنيف أساسا على الكتل الذرية للعناصر حيث لوحظ أن خواص العناصر تتكرر مكونة بذلك تصنيفا للعناصر بشكل مجموعات ودورات وقد صنف ماندليف 64 عنصر في ثمان مجموعات و12 دور وفي كل مجموعة يمثل اتحاد العنصر مع الأوكسجين مقدار ثابت يقع في المدى 0,5-3,5 ذرة أكسجين لكل ذرة من العنصر.