البيئة في نظر البعض تمثل مشكلة لا بد من إيجاد حل لها. وعند البعض الأخر مصدر ثروة لا بد من استغلالها. وهنالك من ينظر إلى البيئة بأنها الطبيعة التي يجب أن نحميها. وآخرين يرون في البيئة المحيط الحياتي التي نربى فيه. وكل هذه تجمع في تعريف البيئة حيث هي جملة النظم الطبيعية والاجتماعية التي يعيش فيها الكائن البشري والكائنات الأخرى.
ونتيجة لبروز أزمة البيئة في بداية السبعينات ظهرت التربية البيئية كاتجاه تربوي عالمي كرد فعل لهذه الأزمة. وبالتالي تعتبر التربية البيئية عملية ديناميكية يتمكن من خلالها الأفراد والجماعات من الوعي بمحيطهم واكتساب المعارف والقيم والكفاءات والتجارب. وهذا يساعدهم في العمل لإيجاد حلول لمشاكل البيئة سواء الحالية أو المستقبلية.
بمعنى أن هذه التربية البيئية ترمي إلى مساعدة الأفراد إدراك الترابط بين المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية سواء في المدن أو الأرياف. واكتساب القيم والمعارف والمواقف لحماية البيئة وهذا يتأتى من خلال تربية الأفراد على أنماط جديدة من السلوك.
ونركز على التوعية لكافة المواطنين وتوجيه سلوكهم البيئي القويم لتحقيق التوازن بين الإنسان وبيئته. كما لا بد من تضافر الجهود على مستوى الأفراد والأسرة والحي والمدينة. وعلى مستوى الفرد والدولة حتى نحقق هدفنا الرئيسي من المحافظة على البيئة لتكون لنا ولأجيالنا القادمة من أجل بيئة نقية لحياة أفضل. وهذا يجعلنا نركز على قضية مهمة في يوم البيئة العالمي وهي الالتزام والتركيز على الأطفال وخاصة أنه في نفس الأسبوع مناسبة يوم الطفل العالمي.
ولماذا الأطفال؟ لأنهم يتأثرون أكثر من غيرهم ويتحملون أقصى التأثيرات الناجمة عن الكوارث البيئية. فأن تلوث الهواء والماء والغذاء وتأكل التربة والتوجه إلى التصحر نتيجة أعمال الاحتلال خلال سنوات احتلاله من قلع الأشجار وزرع مستوطناته عليها والدمار البيئي بكل أشكاله ومكوناته الاجتماعية والطبيعية ترك تأثيرات سلبية متفاوتة الشدة على الأطفال.
لقد عمل الاحتلال على تدمير النظام البيئي بمكوناته الطبيعية والاجتماعية من دون الرجوع إلى المفاهيم والاتفاقات الدولية والإنسانية. حتى الحيوانات والطيور البرية لم تسلم من أذى الاحتلال فكان لها نصيب من الإرهاب الإحتلالي بهجرتها أو إبعادها عن المناطق التي يطلق منها واليها النيران والقذائف. هذا في الوقت التي تخصص مناطق في الدول المتقدمة في مجال البيئة لمراقبة الطيور والتمتع بتغريدها من قبل عشاق الطيور. كما يتدرب طلاب المدارس في رحلاتهم البيئية للتقرب من العصافير بوضع أكل لها على كفة اليد. هذا في الوقت التي تضع الدول المتقدمة في مجال البيئة برامج توعية للمحافظة على الغابات وبرامج تطوير إعادة التصنيع والاهتمام بالمناطق الجميلة الواسعة النظيفة لتكون أماكن لتمتع الأطفال بجمال الطبيعة.
وفي نفس هذا العالم هنالك التهديدات الكبيرة لحياة الأطفال الناجمة عن التدهور البيئي مثل فلسطين مما يجعلنا نركز على الأطفال. ولماذا أركز على الأطفال في هذه المناسبة ؟
لأن احتياجات الأطفال الخاصة غالبا ما يتم تجاهلها إذا لم تحدد بشكل دقيق.
إن الاعتراف بحقوق الأطفال في التمتع بحماية خاصة نتيجة لضعفهم يحتاج إلى إجراءات عملية من قبل واضعي الأهداف المرسومة للأطفال في الاتفاقات والمواثيق الدولية.
وعندما نتحدث ونركز على الأطفال فإننا نتحدث عن المستقبل. بمعنى ضمان بيئة صحية ومتنوعة ومنتجة للجيل القادم. وأتساءل هل أطفال فلسطين والعراق ولبنان والسودان والصومال....الخ يقعون ضمن التعهدات التي أخذها قادة دول العالم بالعمل معا على اتخاذ إجراءات مشتركة لحماية الأطفال وتامين مستقبل صحي أكثر أمانا وإشراقا.
أظن وفي مناسبة يوم البيئة العالمي أن حاجة الأطفال الراهنة إلى بيئة أمنة لم تلب بعد. ولو خصصنا وضعنا الخاص في فلسطين تحت الاحتلال والمعاناة الإنسانية والبيئية التي يتعرض لها الإنسان والبيئة وتشمل كل الأعمار والفئات، فإن أطفالنا سيكونون عرضة للخطر والمعاناة الناجمة عن تدهور البيئة.
ومع كل الوقائع التي تؤكد بأن الوضع البيئي في فلسطين متدهور وصعوبة العمل في هذا المجال.
ألا أننا نعمل وبكل الطاقات المتاحة لنا للمحافظة على البيئة من خلال أندية بيئية مدرسية لتوعية الطلبة وبدأت المناهج تتجه نحو إدخال البيئة في مختلف المواضيع وإن كان هنالك حاجة نرجو أن تتبنى من قبل وزارة التربية والتعليم وهي تدريب معلمين في برامج التربية البيئية على اعتبار أن المعلم هو الشخصية المركزية في العملية التعليمية. كذلك هنالك دور للإعلام البيئي ليس فقط أن يكون وسيلة اتصال إنما تعاون ومشاركة بين المؤسسات الإعلامية والمؤسسات المسؤولة عن البيئة .كذلك أهمية الإعلام في توجيه السلوك ومحاولة خلق أنماط جديدة لحماية البيئة.
ورغم الأوضاع الصعبة التي نمر بها وصعوبة التنقل بين المناطق إلا انه سيقام معرض بيئي يوم الأربعاء 6-6-2001 من قبل وزارة شؤون البيئة بمشاركة جميع المؤسسات والجمعيات العاملة في مجال البيئة على مستوى الوطن في جامعة بيرزيت وسيتخلله مجموعة محاضرات عن الوضع البيئي في فلسطين والانتهاكات الإسرائيلية للبيئة الفلسطينية. كذلك سيكون هنالك زراعة أشتال في الحرم الجامعي.إضافة إلى ندوة بيئية في راديو فلسطين وأخرى على شاشة الفضائية الفلسطينية وهذه المقالة جزء من النشاط الإعلامي.
إننا نحاول أن نضيء شمعة وسط هذا الظلام البيئي ، تلك البيئة التي خلقها الله لتكون نورا ونعمة للبشر أجمعين .